كيف تخلع معنى على الحياة التي تعيشها ؟!

مهما كانت الظروف المحيطة بالإنسان قاسية فلا يجب أن تسلبه متعة الحياة ورؤية
الجانب المشرق منها وفيها ، فالحياة ليست دار ارتياح صرف ولا قرار كامل ، بل هي دار
امتحان ومشقة وبلاء وعناء في أحد أوجهها .. وحتى وان كان الإنسان يواجه مصاعب جمة
ومشكلات عسيرة وعثرات شتى ، أو عمت حياته الفوضى أو ضل الطريق إلى أهدافه ، فمن
المهم بالنسبة له أن يبقى متلبسا بالأمل وأن يكون لديه وجهة وخطة وبوصلة لمعرفة
الاتجاهات التي ينوي الانطلاق صوبها ، وأن يحتفظ بأحاسيس دائمة بالأمل في قلبه
وعقله ، وهذا ما يسهم في التغلب على المصاعب التي تواجهه مهما كان حجمها ومهما كانت
درجة تعسرها ..

وبالمثل فإنه لا يمكن لكل زينة الحياة الدنيا أن تمنح معنى
للحياة ما لم يكن ذلك مصحوباً برغبة عارمة في العيش تنبع من داخل الانسان نفسه ،
وجسارة صارمة على تحمل المشاق والمصاعب ، وإصرار حازم على التأثير في مجريات الأمور
والأحداث ، لا يمكن أن تكون كذلك ما لم يكن لديه أمل هائل في الاتجاه صوب أهداف
عظيمة وواضحة ومحددة ..

قد تنبثق الصعوبات والتحديات التي تواجه الإنسان في
سبيله لتحقيق طموح مشروع كتعلم علم نافع ، أو تنمية موهبة ، أو ترقية مهارة ، أو
الحصول على عمل شريف ، أو قد تنبثق من الظروف التي تحيط بعمله ، كتحيز بعض
المسئولين ضده وغمطهم حقوقه ، أو بسبب تراكم وتكاثر الأعمال المطلوب منه تنفيذها ،
أو بسبب العمل في وسط تشيع بين أفراده العنصرية والكراهية ، أو غير ذلك من المعوقات
التي تسهم في الضغط على الإنسان وتحرمه ومجتمعه من الاستفادة من طاقاته الكامنة ..

وقد تتمثل الصعوبات التي يجابهها الإنسان في الحفاظ على حياته الأسرية التي
غابت المشاعر الروحية من قلوب شخوصها ، أو شارفت على الموت ، أو تتمثل في الرغبة
العارمة للارتقاء بمستوى هذه العلاقة المقدسة لتكون أكثر نضجاً وإثماراً وإرضاءً
للشريكين .. وقد تتمثل الأتعاب في مكابدة الظروف غير الاعتيادية لتحصيل الرزق
الحلال للمساهمة في نماء أفراد الأسرة ومقابلة متطلباتهم المادية التي لا تنتهي بل
تزداد وتتنوع يوما إثر يوم ..

وقد تتمثل في المعاناة المنبثقة من تعامل
الإنسان مع أولاده العاقين صعبي المراس والمتمردين الذين لا يستمعون إلى التوجيهات
ولا يأتمرون بالأوامر ، ولا يفعلون ما يجب عليهم من دون أن يذكرهم بذلك والديهم ،
وربما سقط أحدهم أو بعضهم في براثن وأسر العادات السيئة والخطرة ، كمصاحبة شرار
الرفقاء ، أو الانضمام إلى عصابة منحرفة ، أو ممارسة عادات ضارة كشرب الدخان ، أو
تعاطي المسكرات والمخدرات ، أو اقتراف السرقة ، أو الزنا ، أو اللواط ، أو السحاق ،
أو الإعجاب بالمثيل ، أو التلبس بحالة التسكع في الأسواق وإضاعة الأوقات فيما لا
طائل من ورائه ، وإزعاج الناس في الأماكن والميادين والتجمعات العامة للتحرش
بالآخرين أو لممارسة التفحيط ، أو لتخريب الممتلكات الخاصة أو العامة ، أو للمشاركة
في حالات الشغب الفردي أو الجماعي ، أو غير ذلك من الأفعال التي تجعل الحياة جحيماً
لا يطاق ..

وقد تكون مصادر أتعاب الإنسان متأتية من صدقه المعتق ورغبته
الحقيقية في تحمل المسئولية وأداء الأمانة ، لكن في ظل عدم تبصره بالطرق الصحيحة
اللازمة لعون نفسه ومن حوله ، وبالتالي تعثر مساعيه وتبعثر جهوده وذهابها أدراج
الرياح ، وعدم تحسن الأمور ، بل إفسادها بدلاً من حلها ، مما يزيد الطين بلة ..

الحياة رحلة أشبه ما تكون برحلة طائرة يبدأها طياروها ومساعديهم بوضع خطة
محكمة للطيران ، يتم من خلالها تحديد وجهتهم وخطوط البداية والنهاية ومراحل التوقف
والاستراحة ، والأشياء اللازم توافرها لتمضية المشوار بسلام ، إلى غير ذلك مما قد
يحتاج له من أجهزة ومعدات وعتاد وخدمات وكفاءات ، لكن أثناء الرحلة الفعلية تتأثر
الخطة التي وضعها هؤلاء بعوامل عدة ، كالظروف والأحوال الجوية المتقلبة ، من مطر ،
ورياح ، وعواصف ، أو كازدحام حركة المرور في الطريق ، أو كالأخطاء البشرية للعاملين
على متنها ، أو بسبب تدخلات أشخاص غرباء ومخربين يرومون تحقيق أهداف مختلفة ، وتكون
النتيجة والمحصلة النهائية لاختلاف هذه الظروف والعوامل عما خطط له اختلاف مسار
رحلة الطائرة قليلا أو الانحراف عنه كثيرا ..

لكن ، وبإذن الله تعالى إذا
لم يحدث مشاكل كبرى ستصل الطائرة بسلام إلى محطتها النهائية المحددة ، ذلك أن
الطيارين ومساعديهم والعاملين على متن الرحلة يتلقون باستمرار معلومات من الجهات
الأرضية والجوية المساعدة لجهودهم فيتفاعلون معها وترشدهم عن حالة الجو أولاً بأول
وحركة المرور إلى غير ذلك ، وبناء على هذه المعلومات يتم تعديل المسار والرجوع إلى
الخطة الأساسية للرحلة ..

وإذن ، فالانحراف عن المسار أثناء سير الرحلة (
رحلة الطائرة / رحلة الحياة ) لا بد أن يكون أمراً متوقع الحدوث بنسبة كبيرة أحيانا
، والمهم أن يكون لدى قائد الطائرة ( والإنسان عموما مهما كان سنه أو جنسه أو لونه
أو درجة تعليمه أو نوعية عمله أو مكان تواجده ) رؤى سديدة وخطة محكمة وقدرة على
التماهي والتماثل والتعامل مع الظروف المتغيرة من حوله حتى يمكنه الرجوع إلى المسار
الصحيح ..

من المهم أن يكون لدى كل منا وجهة ، أن يكون لدية خطة للسير في
مسارب الحياة ، ومن المهم أيضاً أن يكون معه بوصلة وخريطة تكشف له الاتجاهات
والمواقع أنى ذهب ، وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فليستقطع وقتاً لتوفير هذه الأدوات
الضرورية ، هذا إن كان معني بالبحث عن معنى جاد لحياته كمسلم لم يخلقه الله عبثا
ولن يتركه هملا ، من المهم أن يفعل ذلك إن كان راغباً في أن يخلع على الحياة التي
يعيشها معنى باهياً عظيماً يليق بعظمته المنبثقة من تكريم الله تعالى له على سائر
المخلوقات ، وإلا فليعلم من يقصر في هذا الجانب أنه يعيش كالكثيرين حياة ، مجرد
حياة !!

رسالتي إلى نفسي وإليكم أحبتي :

أن نعيش الحياة بمحبة ،
ولتحقيق أهداف عظيمة وسامية .
كما يقول البيت الشعري:
-*/محن الزمان كثيرة لا تنقضي..وسروره يأتيك كالأعياد-*/
-*/ومالك الأكابر فاسترق رقابهم..وتراه رقا في يدي الأوعاد-*/

:3rr:

الموضوع الأصلي : كيف تخلع معنى على الحياة التي تعيشها ؟! المصدر : منتدى تكنولوجيا العين الذهبية

عبد الكريم ; توقيع العضو

دسـتـــور و قـــانـــون الـمـنـتـــــدى - ادخل واقرا حتى لا يحذف موضوعك

مشكووووووووور يا عبد الكريم

موضوع في غاية الروووعة

الموضوع الأصلي : كيف تخلع معنى على الحياة التي تعيشها ؟! المصدر : منتدى تكنولوجيا العين الذهبية

ياسين ; توقيع العضو

دسـتـــور و قـــانـــون الـمـنـتـــــدى - ادخل واقرا حتى لا يحذف موضوعك