هذه قصة واقعية حدثت
في الأسبوع الأخير من شهر يناير عام 1982 فقد هبت عاصفة ثلجية على
الولايات المتحدة لم تشهدها منذ عام 1800 حتى أنه وصلت درجة الحرارة في
إحدى الولايات إلى 33 تحت الصفر و فى وسط هيجان الطبيعة الثائرة، التى لا
تفرق بين إنسان و إنسان و لا تهب النجدة لضحاياها ،إذا بنموذج فريد
للإيمان المسيحى يتقدم معلنا أن الإنسان يستطيع بمقتضى نعمة"البذل حتى
الموت" التى دخلت إلى عالمنا البشرى بصليب ربنا يسوع المسيح يستطيع أن
يواجه قسوة الطبيعة و جمودها فيهب الحياة حيث الموت، والرجاء حيث اليأس،
بحبه و بإيمانه الفائق المقدار.

هذا حدث فعلاً فى كارثة الطائرة
التى كانت تحلق فى أجواء واشنطن فى رابعة النهار، وفوق جسر يمر على نهر وفى
ذروة ازدحام المرور. و كان ركاب الطائرة الثمانية والسبعون يستمعون إلى
تعليمات قائد الطائرة ومن بينهم راكب مجهول الإسم حتى الآن، لم يكن يظن
الذين يجلسون بالقرب منه أنه بعد لحظات سيكون هو الأداة المباركة لإسترداد
الحياة لهم من وسط الموت! وإذا بركام الجليد يتكاثر على جناحي الطائرة
وذيلها وجسمها يفقد توازنه، وتبدأ تهوى من علٍ لتحطم فى طريقها أربع سيارات
كانت تمر على الجسر و سيارة نقل كبيرة ثم تهوي بكل ثقلها فى النهر المجمد
بسبب البرودة الشديدة . و يهرع الركاب محاولين النجاة و لكن هيهات، إلا ستة
ركاب استطاعوا أن يتشبثوا بذيل الطائرة الذى ظل بارزاً وسط النهر المتجمدة
مياهه.
و تهرع سيارات الإسعاف و الشرطة، و تطير إلى مكان الحادث طائرة هليكوبتر تلقي بحبل الإنقاذ المعلق بآخره طوق للنجاة،
تلقي به على أول الركاب الستة الذين أصبحوا أدنى من الموت، و الجليد من
حولهم يضغط على أطرافهم و يلفح وجوههم بقسوة بالغة و الموت يقترب بسرعة
كبيرة، و يسرد سائق الطائرة الهليكوبتر و الذى ألقى بالحبل على هذا
الراكب:"كان الرجل الذى ألقيت إليه بالحبل يقظاً واعياً كل الوعي... و لكن
إن كنا نرى أناساً طيبين فى وسط هذا العالم
الشرير لكنى لم أرَ قط فى حياتى من له مثل هذا البذل!..
لقد أزاح الرجل بالحبل إلي رفيقه الذي بجانبه والمتشبث في يأس هو الآخر بذيل الطائرة الغريقة،
لقد أزاحه إليه لكى يقتنص هذا
فرصة النجاة أولاً بدلاً منه!" و صعد الراكب الأول المُنقَذ من الموت إلى
الهليكوبتر، و أنزل رجل الإنقاذ الحبل ثانية لنفس الراكب الذى يصارع الموت
فأزاح الحبل ثانية لراكب آخر رفيقة المنتظر هو الآخر بلهفة الإنقاذ من
الموت، و أُنقذ الراكب الثانى...و كلما ينزل الحبل إليه يزيحه الراكب
المجهول الذى يناهز الخمسين من عمره إلى رفيقه...إلى أن أُنقذ الركاب
الخمسة، و أخيراً و حينما تدلى الحبل للمرة السادسة كان الراكب الباذل قد
اختفى وسط الجليد!!!