جاء يسعى ضيع تسعه

سم الله الرحمان الرحيم .

في زمن قديم وفي قرية من القرى النائية حيث قلة المواصلات والاتصالات
وندرة المعارف والتوجيهات الناس هنا يعيشون في تيه وضلال لا يعرفون من
دينهم إلا الشيء القليل .
وفي جلسة من جلسات كبار الجماعة خطرت ببال عين من أعيانهم فكرة استحضار
إمام يحفظ القرآن يؤدي بهم صلاة التراويح ، وأمروا بجمع مبلغ من المال
وخرج جماعة منهم يقطعون المسافات بحتا عن إمام للصلاة .
سمع بخبرهم أحد من يدعون الإمامة وليس بإمام ( كانوا يلقبونه : طالب ) ،
فهي فرصته للظفر بالمال ( صيد ثمين ) ، فجاءهم يسعى وعرض عليهم نفسه بأنه
يحفظ القرآن بكامله ،،، فتشاوروا معه في هذا الأمر وضمنوا له المأوى
والمأكل والمشرب طوال الشهر مع المبلغ المحدد من المال .
تنبيه : 1- القوم لا يعرفون شيئا من هذه الصلاة ولا من القرآن .2- من عادة
القوم الذكر الجماعي (يحبون من يقرأ أو يذكر أو يدعو وهم يرددون ) وهي عند
البعض اليوم بدعة .
2- المصلّى مفترش بأخشاب عليها شيء من الزرابي البالية .
وفي الليلة الأولى من شهر رمضان الفضيل وقبل صلاة التراويح قام إمامنا
المبجل خطيبا في القوم يبين لهم كيفية أداء هذه الصلاة فحثهم على ضرورة
المتابعة ( ما دمتم لا تعرفون كيف تصلون فعليكم أن ترددوا معي كل ما أقول
، وكل ما أفعل ، وردد مرارا ، كل ما أقول وكل ما أفعل ، ثم خص السجود
بالذكر وقال : أخلصوا الدعاء في السجود ) .
(جال في خلد القوم : السجود ، الدعاء ، رددوا معي ، الخشوع ) .
ثم كبر وصلى الركعة الأولى وبدأ يخربش في الآيات سرا ( يتمتم تارة ،
ويهمهم أخرى - فسبحان الذي يعلم السر وأخفى ) والقوم على نياتهم ،فلما سجد
شيخنا الفاضل دخل أنفه بين خشبتين ثم لما سجد القوم من خلفه التقت على
أنفه الخشبتين وبالتالي وقع شيخنا في موقف جد حرج ، حاول أن يفرج عن
الخشبتين فثقل المصلون من خلفه كبير ، حاول مرارا دون إحداث أي صوت لكن
للصبر حدود وهم ينتظرون على حر من جمر ماذا سيقول شيخنا ليرددوا معه ، ثم
اقتضت الضرورة أن يناديهم فقال : إخواني أنفي حصل ، فقالوا على لسان رجل
واحد : (إخواني أنفي حصل ) ثم سكت وهو يعلم صعوبة الموقف ، فقال : أنفي
حصل بين الخشبتين فقالوا : أنفي حصل بين الخشبتين ، ثم تدرج في المقال
وبدأ في الغليظ من الأقوال فبدأ يضرب بيديه فضربوا بأيديهم ، ثم بدأ في
لعنتهم وسبهم وشتمهم وهم يكررون وراءه بوجل وخشوع ، ووصل الأمر به أن مد
برجله وضرب به رأس من خلفه فمد كل واحد برجله ووكز به من خلفه ( وكلهم
خشوع ) ، ثم انتهى به الأمر لما نفذ صبره يسبهم بأقبح العبارات مستعملا
ألفاظا يستحي المرء أن يحدث بها مع نفسه .
هنا سكت الجميع ثم قام أحد منهم ونظر فإذا بالشيخ يتلوى في الأمام فأسرع
إليه ثم أخد يضرب على رؤوس القوم أن قوموا ويحكم فشيخنا في ورطة ، فقاموا
فانفرجت الخشبتين ثم قام بأنف يسيل دما قد مال على جهة وقال : يا لطيف من
قوم ، ثم هجر المكان لتوّه ولسان حال القوم : ( جا يسعى ودّر تسعة ) .
المعنى : جاء يسعى طلبا للرزق ضيع تسعة ( أي : خسر ما جاء يسعى إليه وزيادة )

والسلام عليكم ورحمة الله

الموضوع الأصلي : جاء يسعى ضيع تسعه المصدر : منتدى تكنولوجيا العين الذهبية

أمجد ; توقيع العضو