نلاحظ اليوم عديد
التجاوزات التي ترتكب على الطرقات سواء كان ذلك من طرف المترجل أو سائق
السيارة.المهم ان الخطر موجود دائما على طرقاتنا. الدوافع في ذلك متنوعة
لاحدود لها، منها الاستعجال بحجة ضيق الوقت ومنها الاندفاع والتهوّر ومنها
الضجر وقلة الصبر.
كل هذه الدوافع مجتمعة اصبحت حججا يلتجئ اليها مستعملو الطـريق ليبرروا
تجاوزاتهم وتهورهم الذي لا تحمد عقباه فيكون الندم والفواجع في مجمل
الاحوال.
تكنولوجيا
اليوم وقد أصبحت الاجهزة
التكنولوجية في متناول كل يد من ذلك ان السائق أضحى يقوم بعمل ثنائي
الابعاد، يد على المقود واليد الاخرى على مستوى الاذن تنصت الى الهاتف
الجوال، في مثل هذه الظروف لنا ان نتساءل كيف يمكن لعملية السياقة ان تكون؟
مقود تديره يد واحدة وذهن شارد في أمور ومواضيع المحمول وعين لا ترى من
حولها سوى هدف الوصول الى مكانها المحدد وفي الوقت المعين لا مترجل ترى ولا
أضواء ولا اشارات...
عبثا أصبحت هي السياقة، حركة تتكرر في كل الاوقات
وفي كل الاتجاهات بذهن شارد مستغرق مع رنات المحمول بلا وعي ولا مسؤولية.
فقط زمن الكارثة حين تذهل الاعين وتصعق العقول وترتجف القلوب يستفيق الذهن
من غيبوبته لينظر هول الفاجعة وما خلفه عبث الايادي ورنين الهواتف.
ردع
أمام هذا الكم الهائل من التجاوزات سعى
المشرع الى ضبط عديد القوانين التي من شأنها ان تحد من معدل تنامي هذه
الخروقات اثناء السياقة وفي مقدمتها الخطايا المالية فمخالفة استعمال
الجوال اثناء السياقة اصبح مقدار الخطية لمرتكبيها 60 دينارا بعد ان كان 20
دينارا. ترى هل يمكن لمثل هذه القيمة المالية ان تردع مرتكبي هذه
المخالفات؟ في هذا الشأن يقول السيد «صادق بن حسين» السياقة هي قبل كل شيء
وعي ومسؤولية فالسائق لا يحتاج لمن يراقبه بل يجب ان يكون هو الرقيب على
نفسه وتصرفاته فمن منطلق الشعور بالمسؤولية يمكن للشخص وراء مقوده ان يتوخى
الحذر ويحترم قواعد السياقة ويتجاوز بصحوة ضميره كل الخروقات التي تسبب
الهلاك له ولغيره وذلك بغض النظر عن «الخطية» أو اي نوع من العقوبات.
هل حدث وان استعملت هاتفك اثناء القيادة؟ يجيب السيد صادق: «حين اجلس الى
المقود اصب جام تفكيري على الطريق من امامي ومن حولي لا تشغلني سوى
الاشارات او السيارات المسرعة من كل جانب» ويضيف «في أحيان كثيرة يرن هاتفي
لكن صدقيني في تلك الحالة اكتفي بمجرد النظر الى الرقم وحين اصل الى حيث
اسير اعاود الاتصال».
انت اذن سائق مثالي؟ يقول: «قد اكون كذلك لكنّ
المهمّ بالنسبة اليّ ان احافظ على نفسي قدر المستطاع وكذلك على اولادي حين
يرافقونني في السيارة ولو لم يكونوا برفقتي فانا اكون دائم التفكير فيهم
لذلك الزم نفسي بالانضباط كلما اخذت مكاني على الطريق» ويختم فيقول «ناهيك
عن كل هذا فالخطية لا تعني شيئا امام الحذر من اجل سلامتي وسلامة من حولي».
السيد نزار حامي هو شخص كثير التجوال والاسفار وذلك بحكم عمله كتاجر
فالمقود اصبح جزءا لايتجزأ من مجمل اعماله ونشاطاته.
قد يبيت ويصبح وهو
لا زال على الطريق داخل سيارته. في هذا الامر يقول: «علمتني كثرة الترحال
ان اكون والطريق صديقين حميمين لا اضجر ولا املّ منه، نعم فسرّ نجاح
القيادة الحكيمة هو الصبر الجميل وضبط النفس والتعامل مع مستعملي الطريق
الاخرين بما فيهم المترجل بحذر وانتباه ذلك انّ أكثر اسباب الكوارث هو
الغضب الشديد الذي يعمي الابصار ويربك الايادي فيجعلها تتهور فتحصل العواقب
الوخيمة».
ويضيف «من اهم الموانع اثناء السياقة هو الحديث مع السائق
ولو للحظات فما بالك وقد اصبح اليوم الحديث يستغرق ساعات طوال عبر الهاتف،
ذلك ان اكثر ما يجلب انتباهي على الطريق هو انشغال كثير من السائقين
بهواتفهم لا يهمهم في ذلك طريق ولا اشارات».
ماذا تفعل حين تردك مكالمة
وانت وراء المقود؟
يجيب السيد نزار «انا لا اعير اهمية الا للمكالمات
التي تخصّ عملي فاجيب على الاتصال بعبارة واحدة «انا أقود الان سأهاتفك
لاحقا».
ما رأيك في تصرفات بعض السائقين اليوم ممن يتركون المقود
للتفرغ الى الحديث المطول عبر الهاتف؟
يقول مجيبا على سؤالي «هؤلاء
وللاسف لا يمتلكون ادنى حس بالمسؤولية، مصالحهم تطغى على تصرفاتهم،
فالسياقة هي وعي وفعل مسؤول بفضله فقط يمكن للسائق ان يحمي نفسه من كل
المخاطر والمفاجآت».
الخطية لمثل هذه المخالفات اصبحت 60 دينارا هل
يمكن لها ان تحد من هذه التجاوزات ؟ «في مثل هذه الحالة باستطاعة الخطية ان
تحدث نوعا من الحذر لدى السائق حتى لا يقع ضحية لتلك المخالفة لكن لا أجزم
بنجاح هذا الردع 100 بالمائة لأن بعض الناس لهم قدرة كبيرة على المغالطة
ويتعمدون ارتكاب الهفوات بكل تهور».
من جانب آخر يشير السيد مختار
القاسمي الى أنّ الردع القانوني لا يكفي إذا ما رافقه غياب الضمير فالسياقة
في نظري تعتمد كليا على صحوة الضمير والوعي الكلي بأن الحذر نابع من
«قناعة شخصية بضرورة احترام قواعد سلامة المرور».
ويضيف «من أبرز مظاهر
الإهمال المفرط اثناء القيادة هو استعمال الهاتف الجوال الذي بات سلوكا
شائعا لدى اغلب مستعملي الطريق بل إنّه اصبح في مقدمة قائمة سلبيات أهم
وسيلة تكنولوجية حديثة ألا وهي الهاتف الجوال.
أمام مثل هذه التصريحات
كيف يمكننا أن نجنب انفسنا سلبيات هذه التكنولوجيات خاصة وأنه لا يمكننا
التخلي عنها لاسيما بعد ما تجاوزنا كل العراقيل من أجل تحديث مجتمعنا وجعله
في مصاف المجتمعات المتطورة. أرى أن الخطر يمكن لدينا نحن عامة الناس في
درجة نضج تفكيرنا وفي مدى صحوة ضمائرنا ألا يكمن لنا أن نبرأ هذه التقنيات
من كل السلبيات ونرتفع بها عن فظاعة سلوكنا الذي نزل بها من مرتبة الرفعة
والمنفعة الى مرتبة السخط والنقمة؟.
الجدير بالذكــر أن وسائل
التكنولوجيات مهما بلغت من تطور تبقى في الاخير مجرد آلة نحن فقط البشر من
يتحكم بها ونحن وحدنا القادرون على تحديد مسار عملها ونتائجه سواء نحو
النجاعة أو نحو السلبية واللاجدوى.
اذن لا تنسوالسلامتك أجل مكالمتك..
تحياتي لكم
شمس
السبت فبراير 04, 2023 8:26 pm
الجنس : 
تاريخ التسجيل : 12/08/2010
مواضيع العضو : 4947
العمر : 35
الشغل/الترفيه : جامعية
المزاج : مرح
الدولة : الجزائر
نقاط : 7213
السٌّمعَة : 13
