كان يجري مسرعا كعادته داخل الكلية, لأنه متأخر كعادته

حاول تجنب الإصطدام بها فوقع أرضا ... تناثرت أوراقه هنا و هناك, حاولت مساعدته لكنه أجاب بصوت خافت يملؤه الخجل '' لا عليك ''

ثم واصل طريقه متجها إلى المدرج. طرق الباب فأجابه صراخ
الأستاذ المشتعل غضبا '' هلاااااا أغلقت ذاك الباب و عدت من حيث اتيت ''
حاول شرح موقفه

لكن فيضان الكلمات الموجهة إليه حالت دون ذلك ... عاد
يجرّ الخطى, توقف لحظة عندما لمح الفتاة نفسها جالسة في خشوع تحدق نحو
السماء و كأنها قد فقدت

شيئا ... قامت الفتاة فنظرت نحوه بابتسامة, حنى رأسه بسرعة ثم رفعه ببطئ ليراها تبتعد.

عاد ليلا إلا غرفته, عكس العادة لم يفتح حاسوبه لإتمام
مشاريعه الغامضة, بل توجه نحو سريره و استلقى محاولا طرد صورتها من خياله
حتى يستطيع إنهاء عمله.

إنها السابعة صباحا, استيقظ صاحبنا قبل المنبه بدقائق
عكس التيار الذي تفرضه العادة, حمل أوراقه و توجه مسرعا نحو الساحة, الفتاة
نفسها و بنفس الإبتسامة

متجهة نحو الفصل ... بقي على نفس الحال لمدة طويلة, عامه
الدراسي أوشك على النهاية, لم يهمل حياته الدراسية فحسب بل عمله الغامض
داخل العالم الإفتراضي أيضا

صلة الوصل الوحيدة مع الفتاة هي تلك الرسائل المزخرفة
... لكن صبيحة ذلك اليوم, استجمع قواه وقرر أن يعرض عليها المجيء لخطبتها,
توجه نحو الساحة ككل صباح

اقترب منها و قال : '' اهلا ... '' كانت تجيبه
بابتسامتها فقط ثم تواصل المسير, اقترب منها ثم راح يصرخ '' لماذا لا تردين
... كان يوقفها لكنها كانت تبتسم فتواصل طريقها ''

صرخ بكل ما أوتي من قوة حتى اجتمع الطلبة و مسؤول
الداخلية حوله '' انا أعلن خطبتك أمام كل هؤلاء ... '' كانت تبتسم. وجوه من
حوله غمرتها الحيرة

احاديث جانبية كانت تصفه بالجنون '' لقد جن الفتى ... إنه يكلم نفسه ''

جرى احد زملاء الفصل نحو صاحبنا, و قال '' ما بك '' أجابه باستغراب '' ألا ترى ... انها تبتسم و تروح مبتعدة ''

يجيب الزميل '' من هي التي تبتسم ... لا يوجد أي شيء '' يرد بسرعة '' اتمازحني ... انها هناك ''

ينظر الزميل باستغراب نحو أصدقائه و يقول ''اترون شيئا
'' لكنهم أجابو بالنفي لم يكن ليتقبل الأمر بسهولة فخرج عن صمته وراح يجري
هائجا

اتصل المدير بالطوارئ ليعلن عن حالة الفتى الغريبة ...

تم إدخاله الى المصحة فورا ... لينقل الى مصحة عقلية,
كان يصيح و يصرخ لدي أدلة على أن الفتاة حقيقية إنها ليست وهما إبحثوا داخل
غرفتي ستجيدون رسائل خطت بيديها.

قام المسؤل بفحص الغرفة ليجد رسائل حقا ... إتضح فيما
بعد أن جماعة من الطلبة قد لعبوا لعبتهم و أخذوا رسائله التي كان يلقي
صباحا بالساحة ليجيبوا عليها تحت مسمى

'' عاشقة زرقة السماء '' ...

بعد أن هدأ ... راح الطبيب يحكي له ما وقع, فراغ عاطفي
بعد غرق السفينة التي كانت تقل والديه عندما كان طفلا, و حياته البائسة
التي عاشها رفقة عمته و زوجها

و هوسه الكبير باختراق حواسيب الشركات. جعل دماغه يرضي
طبيعته الإنسانية عن طريق ادماج الأوهام داخل حياته بعد اختلال توازن
المواد الكيميائية في المخ,

أخبره انه سيبقى داخل المصحة و سيتبع ادوية الى ان تخف حدة المرض ''

طأطأ صاحبنا رأسه و قال '' إنها هنا, و هي تبتسم ... إنني أحبها بالفعل لذلك لن آخذ أي دواء ''

زاد
مرضه يوما بعد آخر ... لكنه علم و لأول مرة ما معنى أن يكون لدى الإنسان
قلب ينبض بالحياة بدل تحوله الى آلة تتبع الدنيا إلى أن تصدأ فترمى في محل
الخردة.
تحياتي لكم
شمس المنتدى