ذكرى 15 جانفي 1956 المخلده لمعركة الدبيديبي

ذكرى 15 جانفي 1956 المخلده لمعركة الدبيديبي

تقع منطقة الدبيديبي في الجهة الجنوبية لولاية الوادي, و تحديد بناحية
الرباح, و هو عبارة عن مكان صعب لا يمكن الوصول إليه بسهولة, نظرا لإنتشار
الكثبان الرملية الكثيفة التي تشكل عوائق كبيرة تتخللها مسالك متشعبة و
منعرجات و عرة أين قامت المعركة التي حطمت آمال القوات الفرنسية في السيطرة
على المنطقة و إستنصال الثورة منها بكل سهولة .
فعلى إثر معركة هود
شيكة و الصدى الذي أحدثته داخل المنطقة و خارجها بادرت القوات الفرنسية إلى
عزل المنطقة عن القيادة الأولى بالأوراس لتغطية خسارئها و تضييق الخناق
على المجاهدين بها .
وفي أوائل شهر ديسمبر 1955, حاولت قيادة الثورة و
على رأسها عباس لغرور فك الحصار المضروب على منطقة وادي سوف ( و ذالك لما
لها من أهمية في تموين الثورة) فبعثت وبثلاثة مجاهدين من الجهة و هم وادة
خليفة , مزيان بشير, فرجاني العربي لمعاينة المنطقة .
و إنتهت المهمة
في 15 يوما , و إستطاع المجاهدون خلالها تجنيد 6 مواطنيين بأسلحتهم (و
200مواطن مستعدون للإلتحاق) و جمع مبلغ منالمال قدر ب600 ألف و عدد من
البنادق و الذخيرة(12 بندقية ) و عادت المجموعة إلى منطقة خناق لأكحل حيث
القادة لدراسة أوضاع منطقة وادي سوف ، و التي بات مأكدا بان الاجواء فيها
صالحة للثورة .
وفي الثالث من جانفي 1956 , قصدت فصيلة من جيش التحرير
الوطني منطقة الوادي لتجنيد الموطنيين و توعيتهم .وبوصلهم إلى بئر حمه حمد
(30 كلم شمال شرق بلدية الرقيبة )عقد اجتماع لتحديد وترتيب كيفية الدخول
إلى المنطقة فوقع الاختيار على منطقة الدبيديبي لعزاة المكان وبعده عن
الانظار .كلف المجاهدان وادة خليفة والناقص عبد الرحمان بالدخول للمدينة،
أما البقية فسارت غرب العمران اتفقوا على اللقاء بالدبيديبي في اليوم
الثامن من نفس الشهر.
وبالفعل دخل المجاهدان الى المدينة وارسلا
للمجموعة السائرة غربا خمس جمال محملة بالمؤن و10 مجندين . سار المجاهدان
بالمنطقة لتحسيس المواطنين بضرورة مواصلة دعم الثورة ماديا ومعنويا ، فوجدا
حماسا كبير ا لدى سكان االمنطقة للإلتحاق بهم ولكن المجاهد وادة خليفة لم
يجند سوى 12 مناضلا وذلك لعدة أسباب إهمها عدم توفر الأسلحة الكافية لدى
المجموعة.
أما الفرقة السائرة غربا وعند نقطة بئر اللوس وجدت مواطنين
يقومون بحفلر بئر يحرسهم الحركي رحومة فقضت عليه وساقت البقية، لذلك فكرت
المجموعة في تغيير الواجهة لتمويه العدو لتأكدها من ملاحقة العدو لها بعد
هذه العملية . وبالفعل فقد لاحقتهم فرق العساكر والطائرات الكاشفة
والمقنبلة من الوادي.

وفي الموعد المحدد وصل المجاهدان رفقة المجندين الجدد الى الموقع المتفق عليه على
الساعة الثالثة صباحا ، ولما لم يجدوا المجموعة اتجهوا غربا الى اميه
الكلبة (اميه الغزالة حاليا) وفي طريقهم وجدوا اثار سير الفصيلة جنوبا
فاتبعوها، الا ان طائرة استكشافية داهمتهم فلاذوا بالفرار الى ان وصلوا الى
منزل الطيب الشطي بالدبيديبي حيث وجدوا المجموعة هناك .
جو المعركة:
ما ان لاحت تباشير صباح 15 جانفي 1956 ، حتى تبين لدورية حراسة المجاهدين
بان قوات العدو تتقدم من بعيد وفي تلك الأثتاء قسمت المجموعة الى اربعة
افواج :
الفوج الأول : بقيادة بركة العيد المدعو باباي .
الفوج الثاني : بقيادة بشير نعيمي المدعو بشير مزيان .
الفوج الثالث : بقيادة جاب الله بشير .
الفوج الرابع : قائد المعركة فرجاني العربي .
وامر الجنود بالتمرير على قمم الكثبان , والدافع لهذا التمركز هو تواجد
العدو بالنسبة للهودين، وفي حدود الساعة الثامنة صباحا كان المجاهدون على
اهبة الاستعداد لمواجهة قوات العدو وعلى بعد 60 م بدأ الاشتباك بين طلائع
القومية والمجاهدين دام حوالي ساعة تدخل على أثرها الطيران لقنبلة المكان
فأخطأ في بداية الأمر فقصف القومية وركز بعدها على القنبلة داخل الهود ولكن
تمركز المجاهدين على قمم الكثبان وقربهم من قوات العدو صعب النيل منهم
وهكذا دامت المعركة الى الساعة العاشرة ليلا.
نتائج المعركة:
تعتبر
معركة الدبيديبي من اهم المعارك بالمنطقة الجنوبية للثورة فعلى الصعيد
الفرنسي أثبتت هذه المعركة شموليةالثورة في الجزائر وأن الصحراء جزء لا
يتجزأ من الجزائر، وعلى الصعيد الوطني اثبتت للقادة أن الجنوب يحتضن الثورة
ويساندها . وعلى إثر هذه المعركة تكبدت قوات العدو خسائر كبيرة خاصة في
الأرواح حيث بلغت وحسب القومية 70 قتيلا و40 جريحا أما المجاهدون فقد
استشهد منهم 15 مجاهد ، وفيما يلي اسماؤهم : احمد بو قفة-فرجاني العربي –بن
علي سعد- غنبازي عبد الواحد الشايب حامد-بن عمارة عبد المجيد –بلالة بشير
جلمودي جاب الله –احمد بشير بوضبية خليفة-الناقص عبد الرحمان-بوصبية
مبارك-اميسه بشير-بن سليمان عامر- الهاني الهاشمي – كما أصيب أربعة مجاهدين
بجروح بليغة وأسروا على اثرها لدى قوات العدو وهم: خالدي السايح – بوغزاله
بشير- بكوش خليفة – بوحفص حفص.

ردود الفعل الفرنسية :
على
اثر الانتصارات التي حققها المجاهدون في معركة الديبديبي اتخذت السلطات
الفرنسية الموقع في قائمة المناطق المحرومة ، حيث ـقامت في ميدان المعركة
مركزا عسكريا لها ، جعلته مخصصا لاستنطاق وتعذيب المجاهدين والمواطنين
المشتبه فيهم ، ويعتبر هذا المركز من المعتقلات المعروفة طيلة سنوات الثورة
بوحشية التعذيب والتنكيل ضد سكان المنطقة.