البجعة

موضوع: البجعة الأربعاء أكتوبر 06, 2010 5:49 pm

كانت على الطرف الآخر من بحيرة هادئة الأركان مخضرة بالطحالب ضبابية الأجواء
ترقد بجعة بيضاء كالأميرة أو كــ وردة بيضاء نقية..غزيرة الريش بريئة العيون.. شامخة الهامة ..مسحورة الكيان.

انه يوم من أيام الشتاء القارص فوق العادة عن ماسبقه من عقود ولم يتوقع مثل هذا البرد القاتل في وخزه للعظام حتى النخاع .
أنتعل منذر خفًيه و ارتدى معطفه المصنوع من جلد الدببة السوداء ثما تناول بندقية صيده العتيقة وخرج يتفقد فخاخه الحديدية المعدة خصيصا لصيد الدببة
وما كان ليخطو خطوة حتى تمحو الثلوج سابقتها.

أستمر منذر يتعثر في طريقه يلسع البرد وجهه العاري ، تلوح الرياح بشاله المعقود على نحره ليصير كالراية المجنونة في عاصفة هوجاء
وما أن وصل إلى الفخ الثاني حتى شد انتباهه بياض البجعة في البحيرة في مشهد لأول مرة يراه بهذا الوقت من السنة.

بجعة في شهر يناير!!!

الجزء الأول

[b]تحاورت الأسئلة وتضاربت الإجابات ماعساها تفعل بمكان
شاحب ..بارد.. موحش.. لا تسمع فيه إلا عواء الذئاب وصراخ الكواسر .
تميل الألوان فيه إلى الأسود والأبيض تتجمد الأشجار و تموت الأزهار
مكان تنتحر فيه الحياة.

أقترب منذر تارة متسللا وراء الأشجار منبطحا تارة أخرى على كثبان من الثلوج
صوب بندقيته بعد حشوها وهو على بعد يسمح له بإصابتها وبعين ثاقبة كالصقر
وضع أصبعه على الزناد وكاد أن يضغط لولا التفات البجعة نحوه لتكون النظرة الأخيرة بين المفترس والضحية في عالم تحكمه شريعة الغاب..
لا..لا..لا أستطيع هكذا قال منذر

وأرخى أصبعه على الزناد وكادت البندقية تسقط من يده ، استقامت هامته وبعناء تحرك في الوحل باتجاه البجعة ليكون قيد أنملة بينهما
ولم تحرك البجعة ساكنه وكتفت بحشر رأسها الجميل وراء جناحها كأنه حياء عذراء في مخدعها..

مدّ منذر يديه الخشنتين وألتقط البجعة التي لم تبدي أي مقاومة وصار يقلبها بين يديه يتفقد جسمها النحيل لعله
يجد سببا يدله على بقائها هنا أو لعدم طيرانها واستكانتها ولكنه لم يجد شيء.
عاد منذر إلى كوخ الصيد مستعجلا كأنه يـسعف فلذة كبده.
نعم.. شعر بأنه لابد من أطعامها وتدفئتها
الجزء الثاني
يتبع..

دخل منذر كوخه الخشبي المصنوع من أشجار الصنوبر المتراصة بقوة متحديةً بذلك شغف العيش قابعة بخشوع لأعتى العواصف .
ألقى بكل ما تبقى لديه من حطب في المدفأة الحجرية الحمراء ليزداد اللهيب البرتقالي عنفوانا
و رغبة في المزيد وهو يقول في نفسه :
كم أنتِ شرهة تقتاتين على الأشلاء وبقايا حياة ولا تكتفين..

وضع منذر البجعة قرب المدفأة وبعض الطعام لها ثما جلس غير بعيد على كرسي خشبي مزعج وأخذ يتأمل فيهما
كان مشهد رائع سلب لبه وسرح بفكره وغاص في أعماق روحه وهو يقول :
ستعيشين أيتها البجعة كما سيعيش الأمل بداخلي رغم كل شيء..

تحياتي لكم
شمس المنتدى

الموضوع الأصلي : البجعة المصدر : منتدى تكنولوجيا العين الذهبية

شمس ; توقيع العضو